-->
༺موقع آكاديمية القرآن حياة القلوب༻ ༺موقع آكاديمية القرآن حياة القلوب༻
recent

آخر الأخبار

recent
recent
جاري التحميل ...
recent

إن هذا المنكر عاقبته وخيمة، ولا يصدر إلا من النفوس اللئيمة،

 

    إن هذا المنكر عاقبته وخيمة،

ولا يصدر إلا من النفوس اللئيمة،

 وآثاره متعدية خطيرة

في الدنيا والآخرة؛

وإذا تفشى في مجتمع من المجتمعات كان سببا لنزع البركات،

 وتقليل الخيرات،

 وانتشار الأمراض والأوجاع والآفات.

 

 

 

 

 

 

26- باب تحريم الظلم والأمر بردِّ المظالم

 

قَالَ الله تَعَالَى : ﴿ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [ غافر (18) ] .

 

     الحميم : القريب المشفق .

 وَقالَ تَعَالَى : ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾ [ الحج (71) ] .

وأمّا الأحاديث فمنها : حديث أبي ذر t المتقدم في آخر باب المجاهدة .

 

    والشاهد منه : قوله تعالى : « يا عبادي ، إني حرَّمتُ الظلم على   نفسي ، وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا » .

 

[203] وعن جابر t : أن رَسُول الله r قَالَ : « اتَّقُوا الظُّلْمَ ؛ فَإنَّ الظُّلْمَ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ القِيَامَةِ . وَاتَّقُوا الشُّحَّ ؛ فَإِنَّ الشُّحَّ أهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ . حَمَلَهُمْ عَلَى أنْ سَفَكُوا دِمَاءهُمْ ، وَاسْتَحَلُّوا مَحَارِمَهُمْ » . رواه مسلم .

 

    الشحّ : البخل مع الحرص على طلب المال من غير وجهه المأذون فيه ، كما في الحديث الآخر : « إنَّ الله حرَّم عليكم عقوق الأمَّهات ، ووأد البنات ، ومنعًا ، وهات » . 

 

[204] وعن أَبي هريرة t : أن رَسُول الله r قَالَ : « لَتُؤَدُّنَّ الحُقُوقَ إِلَى أهْلِهَا يَومَ القِيَامَةِ ، حَتَّى يُقَادَ للشَّاةِ الجَلْحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : دليل على أنَّ الشاة الجمّاء تقتص يوم القيامة من ذات القرن ، وبعد القصاص تكون البهائم ترابًا ، فيقول الكافر : يَا ليتني كنتُ ترابًا .

   وفيه : تنبيه على أنَّ المظلوم يقتص من ظالمه يوم القيامة ، ويؤخذ له حقه .

 

[205] وعن ابن عمر رضي الله عنهما ، قال : كُنَّا نَتَحَدَّثُ عَنْ حَجَّةِ   الوَدَاعِ ، والنَّبيُّ r بَيْنَ أظْهُرِنَا ، وَلا نَدْرِي مَا حَجَّةُ الوَدَاعِ حَتَّى حَمِدَ اللهَ رَسُول الله r وَأثْنَى عَلَيهِ ثُمَّ ذَكَرَ المَسْيحَ الدَّجَّال فَأطْنَبَ في ذِكْرِهِ ، وَقَالَ : « مَا بَعَثَ اللهُ مِنْ نَبيٍّ إلا أنْذَرَهُ أُمَّتَهُ أنْذَرَهُ نُوحٌ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ بَعْدِهِ ، وَإِنَّهُ إنْ يَخْرُجْ فِيكُمْ فَما خَفِيَ عَليْكُمْ مِنْ شَأنِه فَلَيْسَ يَخْفَى عَليْكُم ، إنَّ رَبَّكُمْ لَيْسَ بأعْوَرَ وإنَّهُ أعْوَرُ عَيْنِ اليُمْنَى ، كَأنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ .

    ألا إنَّ الله حَرَّمَ عَلَيْكُمْ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ كحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا ، في بلدكم هذا ، في شَهْرِكُمْ هَذَا ، ألا هَلْ بَلّغْتُ ؟ » قالُوا : نَعَمْ ، قَالَ :     « اللَّهُمَّ اشْهَدْ » ثلاثاً « وَيْلَكُمْ - أَوْ وَيْحَكُمْ - ، انْظُروا : لا تَرْجعُوا بَعْدِي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ » . رواه البخاري ، وروى مسلم بعضه .

 

    في هذا الحديث : وعيدٌ شديد على القتال بغير حق ، كما في الحديث الآخر : " إذا التقى المسلمان بسيفيهما ، فالقاتل والمقتول في النار " . قالوا : يا رسول الله ، هذا القاتل ، فما بال المقتول ؟ ! قال : « إنه كان حريصًا على قتل صاحبه » .  

 

[206] وعن عائشة رضي الله عنها : أن رَسُول الله r ، قَالَ : « مَنْ ظَلَمَ قيدَ شِبْرٍ مِنَ الأرْضِ ، طُوِّقَهُ مِنْ سبْعِ أرَضينَ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    في هذا الحديث : تأكيد تحريم غصب الأرض ، وأنَّ من أخذ شيئًا منها ظلمًا عُذَّب بحمله يوم القيامة في عنقه .

    وفي الحديث الآخر : « من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقه ، خُسف به يوم القيامة إلى سبع أَرَضين » .

    وفيه : دليل على أنَّ الأرضين السبع طباق ، كالسموات .

 

[207] وعن أَبي موسى t قَالَ : قَالَ رَسُول الله r : « إنَّ الله لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ ، فَإِذَا أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » ، ثُمَّ قَرَأَ : ﴿ وكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ [ هود (102) ] مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    فيه : الوعيد الشديد للظالم ، وإنْ أُمْهِل على ظلمه ، ولم يُعاجل بالعقوبة ، فإن الله تعالى ( يمهل ولا يهمل ) . قال الله تعالى : ﴿ وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ [ الأعراف (183) ] .

 

[208] وعن معاذ t قَالَ : بَعَثَنِي رَسُول الله r فَقَالَ : « إنَّكَ تَأتِي قَوْماً مِنْ أهلِ الكِتَابِ فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلا الله ، وَأنِّي رسولُ الله ، فَإنْ هُمْ أَطَاعُوا لِذلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَواتٍ في كُلِّ يَوْمٍ وَلَيلَةٍ ، فَإِنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَأعْلِمْهُمْ أنَّ اللهَ قَدِ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً تُؤخَذُ مِنْ أغْنِيَائِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ ، فَإنْ هُمْ أطَاعُوا لِذَلِكَ ، فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أمْوَالِهِمْ ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ المَظْلُومِ ؛ فإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَها وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    في هذا الحديث : التنبيه على المنع من الظلم .

    وفيه : إشارة إلى أن أخذ كرائم الأموال ظلم ، إلا إنْ رضي صاحبها .

    وفيه : أنَّ دعوة المظلوم مقبولة ، كما في الحديث الآخر : « دعوة المظلوم مستجابة وإن كان فاجرًا ففجوره على نفسه » .

 

[209] وعن أبي حُمَيدٍ عبد الرحمن بن سعد السَّاعِدِي t قَالَ : اسْتَعْمَلَ النَّبيُّ r رَجُلاً مِنَ الأزْدِ يُقَالُ لَهُ : ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ ، قَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِيَ إِلَيَّ ، فَقَامَ رسولُ الله r عَلَى المِنْبَرِ فَحَمِدَ الله وَأثْنَى عَلَيهِ ، ثُمَّ قَالَ : « أمَّا بَعدُ ، فَإِنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ منْكُمْ عَلَى العَمَلِ مِمَّا وَلانِي اللهُ ، فَيَأتِي فَيَقُولُ : هَذَا لَكُمْ وَهَذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيتْ إلَيَّ ، أفَلا جَلَسَ في بيت أبِيهِ أَوْ أُمِّهِ حَتَّى تَأتِيَهُ هَدِيَّتُهُ إنْ كَانَ صَادِقاً ‍، واللهِ لا يَأخُذُ أحَدٌ مِنْكُمْ شَيئاً بِغَيرِ حَقِّهِ إلا لَقِيَ الله تَعَالَى ، يَحْمِلُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَلا أعْرِفَنَّ أحَداً مِنْكُمْ لَقِيَ اللهَ يَحْمِلُ بَعيراً لَهُ رُغَاءٌ ، أَوْ بَقَرَةً لَهَا خُوَارٌ ، أَوْ شَاةً تَيْعَرُ » . ثُمَّ رفع يديهِ حَتَّى رُؤِيَ عُفْرَةُ  إبْطَيْهِ ، فَقَالَ : « اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ » ثلاثاً مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    في هذا الحديث : دليل على أنَّ هدية العمال راجعة إلى بيت المال ، وأنَّ ما أخذه بغير حقه يجيء به يحمله يوم القيامة تعذيبًا له وزيادة في فضيحته .

قال الله تعالى : ﴿ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ آل عمران (161) ] .  

 

[210] وعن أَبي هريرة t عن النَّبيّ r قَالَ : « مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلمَةٌ لأَخِيه ، مِنْ عِرضِهِ أَوْ مِنْ شَيْءٍ ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ قبْلَ أنْ لا يَكُونَ دِينَار وَلا دِرْهَمٌ ؛ إنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلمَتِهِ ، وَإنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ فَحُمِلَ عَلَيهِ » . رواه البخاري .

 

   في هذا الحديث : الأمر بالاستحلال ، ورد المظالم في الدنيا ، وإلا أخذ المظلوم لحقه وافيًا في الآخرة .

 

[211] وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النَّبيّ  r قَالَ : « المُسْلِمُ منْ سَلِمَ المُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ ، وَالمُهَاجِرُ مَنْ هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنْهُ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    في هذا الحديث : دليل على أن من كف لسانه ويده عن المسلمين أنه كامل الإسلام ، ومن  هجر ما نهى الله عنه  فهو المهاجر حقًا ، فاشتمل هذا الحديث على جوامع من معاني الكلم والحكم .

 

[212] وعنه t قَالَ : كَانَ عَلَى ثَقَل النَّبيِّ r رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ كِرْكِرَةُ ، فَمَاتَ ، فَقَالَ رَسُول الله r : « هُوَ في النَّارِ » فَذَهَبُوا يَنْظُرُونَ إِلَيْه ، فَوَجَدُوا عَبَاءةً قَدْ غَلَّهَا . رواه البخاري .

 

    في هذا الحديث : تحريم الغلول قليله وكثيره ، وهو من الكبائر بالإجماع .

 

[213] وعن أَبي بكْرة نُفَيْع بن الحارث t

عن النَّبيّ r قَالَ : « إنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَته يَوْمَ خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ : السَّنَةُ اثْنَا عَشَرَ شَهْرَاً ، مِنْهَا أرْبَعَةٌ حُرُمٌ : ثَلاثٌ مُتَوالِياتٌ : ذُو القَعْدَة ، وذُو الحِجَّةِ ، وَالمُحَرَّمُ ، وَرَجَبُ مُضَرَ الَّذِي بَيْنَ جُمَادَى وَشعْبَانَ ، أيُّ شَهْر هَذَا ؟ » قُلْنَا : اللهُ وَرَسُولُهُ أعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَننَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيْرِ اسْمِهِ ، قَالَ : « ألَيْسَ ذَا الحِجَّةِ ؟ » قُلْنَا : بَلَى . قَالَ : « فَأيُّ بَلَد هَذَا ؟ » قُلْنَا : اللهُ ورَسُولُهُ أعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بِغَيرِ اسْمِهِ . قَالَ : « ألَيْسَ البَلْدَةَ ؟ » قُلْنَا : بَلَى . قَالَ : « فَأيُّ يَوْم هَذَا ؟ » قُلْنَا : اللهُ ورَسُولُهُ   أعْلَمُ ، فَسَكَتَ حَتَّى ظَنَنَّا أنَّهُ سَيُسَمِّيهِ بغَيرِ اسْمِهِ . قَالَ : « ألَيسَ يَوْمَ النَّحْرِ ؟ » قُلْنَا : بَلَى .

    قَالَ : « فَإنَّ دِمَاءكُمْ وَأمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عليكم حَرَامٌ ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا في بَلَدِكُمْ هَذَا في شَهْرِكُمْ هَذَا ، وَسَتَلْقُونَ رَبَّكُمْ فَيَسْألُكُمْ عَنْ أعْمَالِكُمْ ، ألا فَلا تَرْجعوا بعدي كُفّاراً يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ  بَعْض ، ألا لَيُبَلِّغ الشَّاهِدُ الغَائِبَ ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ أنْ يَكُونَ أوْعَى لَهُ مِنْ بَعْض مَنْ سَمِعَهُ » ، ثُمَّ قَالَ : « ألا هَلْ بَلَّغْتُ ، ألا هَلْ بَلَّغْتُ ؟ » قُلْنَا : نَعَمْ .   قَالَ : « اللَّهُمَّ اشْهَدْ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

 

    المراد بالزمان : السنة

    وفيه : إشارة إلى بطلان النسيء ؛ لأن أهل الجاهلية إذا احتاجوا إلى الحرب في المحرم استحلوه ، وجعلوا المحرم صفر ، وأحلوا رجب وجعلوا المحرم شعبان ، وبنوا عليه حساب حجهم .

    وفي الحديث : تأكيد تحريم دماء المسلمين ، وأموالهم ، وأعراضهم .

    وفيه : الأمر بتبليغ العلم ونشره . 

 

[214] وعن أَبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي t : أنَّ رَسُول الله r  قَالَ : « مَن اقْتَطَعَ حَقَّ امْرئ مُسْلِم بيَمينه ، فَقدْ أوْجَبَ اللهُ لَهُ النَّارَ ، وَحَرَّمَ عَلَيهِ الجَنَّةَ » فَقَالَ رَجُلٌ : وإنْ كَانَ شَيْئاً يَسيراً يَا رَسُول الله ؟  فَقَالَ : « وإنْ كَانَ قَضيباً مِنْ أرَاك » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : وعيد شديد على من حلف بيمين كاذبة ليقطع بها حق مسلم .

 

[215] وعن عَدِيّ بن عَميْرَةَ t قَالَ : سمعت رَسُول الله r يقول : « مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ مِنْكُمْ عَلَى عَمَل ، فَكَتَمَنَا مِخْيَطاً فَمَا فَوْقَهُ ، كَانَ غُلُولاً يَأتِي به يَومَ القِيَامَةِ » فَقَامَ إليه رَجُلٌ أسْوَدُ مِنَ الأنْصَارِ ، كَأنِّي أنْظُرُ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : يَا رَسُول الله ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ ، قَالَ : « وَمَا لَكَ ؟ » قَالَ : سَمِعْتكَ تَقُولُ كَذَا وكَذَا ، قَالَ : « وَأَنَا أقُولُه الآنَ : مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَجِئْ بقَليله وَكَثيره ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أخَذَ ، وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : وعيد شديد ، وزجر أكيد في الخيانة من العامل ، وأنه من الكبائر .

 

[216] وعن عمر بن الخطاب t قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيبَر أقْبَلَ نَفَرٌ مِنْ أصْحَابِ النَّبيِّ r ، فقَالُوا : فُلاَنٌ شَهِيدٌ ، وفُلانٌ شَهِيدٌ ، حَتَّى مَرُّوا عَلَى رَجُلٍ ، فقالوا : فُلانٌ شَهِيدٌ . فَقَالَ النَّبيُّ r : « كَلا ، إنِّي رَأيْتُهُ في النَّار في بُرْدَةٍ غَلَّهَا - أَوْ عَبَاءة - » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : تأكيد تحريم الغلول ، وأنه من الكبائر .

 

[217] وعن أَبي قتادة الحارث بن ربعي t عن رَسُول الله r : أَنَّهُ قَامَ فيهم ، فَذَكَرَ لَهُمْ أنَّ الجِهَادَ في سبيلِ الله ، وَالإِيمَانَ بالله أفْضَلُ الأعْمَالِ ، فَقَامَ رَجُلٌ ، فَقَالَ : يَا رَسُولَ الله ، أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله ، تُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ لَهُ رَسُول الله r : « نَعَمْ ، إنْ قُتِلْتَ في سبيلِ اللهِ ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبر » ثُمَّ قَالَ رَسُول الله r : « كَيْفَ قُلْتَ ؟ » قَالَ : أرَأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سبيلِ الله ، أتُكَفَّرُ عَنّي خَطَايَايَ ؟ فَقَالَ رَسُول الله r : « نَعمْ ، وَأنْتَ صَابرٌ مُحْتَسِبٌ ، مُقْبِلٌ غَيرُ مُدْبِرٍ ، إلا الدَّيْنَ ؛ فإنَّ جِبريلَ قَالَ لي ذلِكَ » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : تعظيم شأن الدَّيْنِ .

    وفيه : تنبيه على أن الجهاد والشهادة لا تكفر حقوق الآدميين .

 

[218] وعن أبي هُريرةَ t : أنَّ رسولَ الله r قَالَ : « أتدرونَ مَنِ المُفْلِسُ ؟ » قالوا : المفْلسُ فِينَا مَنْ لا دِرهَمَ لَهُ ولا مَتَاع ، فَقَالَ : « إنَّ المُفْلسَ مِنْ أُمَّتي مَنْ يأتي يَومَ القيامَةِ بصلاةٍ وصيامٍ وزَكاةٍ ، ويأتي قَدْ  شَتَمَ هَذَا ، وقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مالَ هَذَا ، وسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وهَذَا مِنْ حَسناتهِ ، فإنْ فَنِيَتْ حَسَناتُه قَبْل أنْ يُقضى مَا عَلَيهِ ، أُخِذَ منْ خَطَاياهُم فَطُرِحَتْ عَلَيهِ ، ثُمَّ طُرِحَ في النَّارِ » . رواه مسلم .

 

    في هذا الحديث : أن المفلس حقيقة من أخذ غرماؤه أعماله الصالحة .

 

[219] وعن أم سلمة رضي الله عنها : أنَّ رَسُول الله r قَالَ : « إنَّمَا أنا بَشَرٌ ، وَإنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إلَيَّ ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أنْ يَكُونَ ألْحَنَ بِحُجّتِهِ مِنْ بَعْضٍ ، فأَقْضِيَ لَهُ بِنَحْوِ مَا أسْمعُ ، فَمَنْ قَضَيتُ لَهُ بِحَقِّ أخِيهِ فَإِنَّما أقطَعُ لَهُ قِطعةً مِنَ  النَّارِ » . مُتَّفَقٌ عَلَيهِ .

« ألْحَن » أي : أعلم .

 

    في هذا الحديث : بيان أن النبي r لا يعلم من الغيب إلا ما علَّمَهُ الله ، وأنه يقضي بين الخصوم بما ظهر له من الحجة .

    وفيه : أنَّ حكم الحاكم لا يحل حرامًا في نفس الأمر ، وقد قال الله   تعالى : ﴿ وَلا تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُواْ فَرِيقاً مِّنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [ البقرة (188) ] .

 

 

[220] وعن ابن عمر رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُول الله r :
« لَنْ يَزَالَ المُؤْمِنُ في فُسْحَةٍ مِنْ دِينهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَماً حَرَاماً » . رواه البخاري .

 

    الفسحة : السِّعَة . أي : لا يزال في رجاء رحمة من الله على ما ارتكبه من الذنوب ، فإذا أصاب الدم الحرام ضاقت عليه المسالك .

    ورُوي عن أبي هريرة مرفوعًا : « مَن أعانَ على من قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقي الله مكتوبًا بين عينيه آيس من رحمة الله » .  

 

[221] وعن خولة بنتِ عامر الأنصارية وهي امرأة حمزة t وعنها ،   قَالَتْ : سمعت رَسُول الله r يقول : « إنَّ رِجَالاً يَتَخَوَّضُونَ في مَالِ الله بغَيرِ حَقٍّ ، فَلَهُمُ النَّارُ يَومَ القِيَامَةِ » . رواه البخاري .

 

    التخوض : التصرف بالباطل .

    ففيه : أنَّ التصرف في بيت المال لا يجوز بمجرد التشهي .

    وفي رواية الترمذي من حديث خولة بنت قيس بن قَهْد : « إنَّ هذا المال حلوة خضرة ، مَنْ أصابه بحقه بُوْرِكَ له فيه ، ورُبَّ مُتخوضٍ فيما شاءت نفسه من مال الله ورسوله ليس له يوم القيامة إلا النار » .

لا تظلِمنَّ إذا ما كنتَ مُقتدرًا *** فالظلمُ ترجِعُ عُقباهُ إلى النَّدَمِ

تنـامُ عينـاك والمظلومُ مُنتبِهٌ *** يدعُو عليكَ وعينُ الله لم تنَمِ

ومن القصص التي فيها زجرٌ عن الظلمِ: ما أخرجه البخاري عن جابر بن سمُرة قال: شكا أهلُ الكوفةِ سعدًا إلى عُمر حتى قالوا: إنه لا يُحسِنُ يُصلِّي. فقال سعدٌ: أما أنا فإني كنتُ أُصلِّي بهم صلاةَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لا أخرِمُ عنها، أركُدُ في الأَوليَيْن وأحذِفُ في الأُخرَيَيْن. قال عُمر: واللهِ ذاك الظنُّ بك يا أبا إسحاق.

ثم بعثَ عُمر -وهو الخليفةُ العادلُ الذي لا تأخُذُه عاطفةٌ عن الحق والتتبُّع-، أرسلَ عُمر رجالاً يسألون عنه في مجالسِ الكوفة، فكانوا لا يأتون مجلِسًا إلا أثنَوا عليه خيرًا، وقالوا معروفًا، حتى أتَوا مسجدًا من مساجِدِهم فقال رجلٌ يُقال له: أبو سَعدة، فقال: اللهم إذ سألتُمُونا فإنه كان لا يعدِلُ في القضية، ولا يقسِمُ بالسَّوِيَّة، ولا يسيرُ بالسرِيَّة!

وهكذا الظالمُ إذا تبِعَ هواه انطلَقَ لسانُهُ بما يهوَى، وانطلَقَت جوارِحُه بما تهوَى نفسُه الأمَّارة. فقال سعدٌ: "اللهم إن كان كاذِبًا فأعمِ بصرَه، وأطِل فقرَه، وعرِّضْه للفتن". قال عبدُ الملك -راوي الحديث-: فأنا رأيتُه يتعرَّضُ للإماءِ في السِّكَكِ، فإذا قيل له: انتَهِ يا أبا سَعدة! قال: كبيرٌ فقيرٌ مفتونٌ أصابَتني دعوةُ سعدٍ.

 

يا مَن ينسَى دعوةَ المظلوم: لتكُن مثلُ هذه الأمثِلَة زاجِرًا لك ورادِعًا لنفسك عن ظُلم الخلق في أنفسهم أو أموالهم أو أعراضهم.

 

تحدى نفسك الكسولة
وابدأ بحفظ القرآن الكريم
بطريقة الأصول العشرة
أحدث وأفضل طريقة فى الحفظ

للوصول السريع للوتساب الخاص بالشيخ

قناة الشيخ على اليوتيوب
اضغط هنا

صفحة الشيخ على الفيس بك
اضغط هنا

التعليقات

بارك الله فيكم

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.